إنّ الله فرض علينا صيام رمضان، وسنّ لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قيامه، فقيام ليالي رمضان سنة وتطوع، وأجره عظيم عند الله، فمَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه كما قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، والمقصود بالقيام هو صلاة التراويح سواءً كانت تفعل أول الليل أو وسطه أو آخره، كل ذلك يعتبر قيامًا. وصلاة التراويح إنّما سُمّيت بهذا الاسم لأن فيها ترويحًا عن النّفس فكانوا يستريحون بين كل أربع ركعات ثم يقومون، وقد قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه ليالي عدة ثم تركه خشية أن يُفْرَض على الأمّة، وكم من الأعمال كان يتركها صلّى الله عليه وسلّم رحمة بالأمّة وشفقة عليها {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسُكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} قام بهم ليلة إلى ثلث الليل، وثانية إلى منتصف الليل، وثالثة إلى قبيل صلاة الفجر حتّى قال الصحابة: لقد تخوفنا أن يفوتنا الفلاح، وهو السحور، فدلّ ذلك على مشروعية القيام جماعة، ولكن تركه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خوفًا من فرضه على الأمّة، ومازال النّاس في عهد أبي بكر وعهد عمر يصلون فرادى وجماعات في المسجد، حتّى قال عمر: لو جمعنا النّاس على إمام واحد لكان أفضل، فجمعهم على أُبَي بن كعب وتميم الداري، فكانوا يصلون بهم التراويح، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن صلّى مع إمامه حتّى ينصرف كتب له قيام ليلة''.