قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن هُدًى لِلنَّاس وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه}، وقال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم مِن ذنبه، ومَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم مِن ذنبه'' (رواه البخاري ومسلم).
فشهر رمضان شهر عظيم، يفتح الله فيه أبواب الخير، وتتضاعف فيه الحسنات والرحمات، وتُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبوابُ النيران، وما دُمنا في العشر الأولى منه، حَرِي بنا أن نغتنمه؛ لأنه يمضي كلمح البصر، كما قال الله تعالى عنه: {أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}؛ لذا ينبغي للصائم أن يغتنم هذه الأيام المعدودات، وليكن شعارك (لن يسبقني إلى الله أحد)! لتحقيق:
التّقوى الّتي من أجلها شرع الله الصوم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِين مِنْ قَبْلِكُمْ}، لماذا؟ قال تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}.
فحَقّق التقوى على كافة أصعدة حياتك، اتّقيه وأنت تصوم.. اتّقيه وأنت تنظر.. اتّقيه وأنت تتكلّم.. اتّقيه وأنت تعمل.. فلتسبق الكل إلى تحقيق تقواه سبحانه وتعالى.
الحرص على أن تصوم رمضان إيمانًا واحتسابًا.. فلا يكون صومك مجرد عادة سنوية ولا مجرد تقليد لمَن حولك.. فلا يسبقك أحد لتحقيق معنى الإيمان واستشعار أثره في نفسك، بأن تستحضر أن الإيمان في الصيام معناه طاعة الله، معناه القرب من الله، معناه أن تتودد إلى الله بالصوم وتتقرّب إليه بها لأنه سبحانه وتعالى يحبُّ هذه الشعيرة، ومعناه أن تتقرّب منه سبحانه.
ومعنَى احتسابًا أن تحتسب أن هذا الفعل لَن يذهب هباء وأن التعب والنصب والمعاناة التي تمر بك أثناء الصوم ستجد عليها الجزاء الوفير من الكريم الرحيم الودود.
وكذلك الإكثار من قراءة القرآن والانكباب عليه بالكلية، كختمك مرّة أو مرّتين أو ثلاث مرّات، وكلّما زِدْتَ زاد سبقك لربّك عزّ وجلّ.. فهو شهر القرآن، فيه نزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم بواسطة الأمين جبريل عليه السّلام.
فهل ستدع الكل يسبقك إلى الله وإلى كتابه وأنت منهمك على كل ما يضر صيامك ويغضب ربّك ويبعدك عن الفوز بالجنان والعتق من النيران.