قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} جاءت الآية تكملة لأمر التقوى؛ فإذا كانت تقوى الله سببا لتفريج الكربات ورفع الملمات وكشف المهمات، فإن في توكل المسلم على ربّه سبحانه، ويقينه أنه سبحانه يصرف عنه كلّ سوء وشرّ، ما يجعل له مخرجًا ممّا هو فيه، وييسر له من أسباب الرزق من حيث لا يدري؛ وأكّد هذا المعنى ما جاء في الآية نفسها، وهو قوله تعالى: {إنَّ اللهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ} أي: لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة، فإن الله إذا وعد وعدًا فقد أراده، وإذا أراد أمرًا يسّر وهيّأ أسبابه.
وقد وردت عدة أحاديث تشد من أزر هذا المعنى؛ من ذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّي لأعلم آية لو أخذ بها النّاس لكفتهم، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَنْ يَتّقِ اللهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِب} فما زال يُكرّرها ويعيدها'' (رواه أحمد والحاكم وغيرهما).